سورة الذاريات - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)}
وفيه مسألتان إحداهما لفظية والأخرى معنوية.
أما اللفظية: فقوله: {ساهون} يحتمل أن يكون خبراً بعد خبر، والمبتدأ هو قوله: {هُمْ} وتقديره هم كائنون في غمرة ساهون، كما يقال زيد جاهل جائز لا على قصد وصف الجاهل بالجائز، بل الإخبار بالوصفين عن زيد، ويحتمل أن يكون {ساهون} خبراً و{فِى غَمْرَةٍ} ظرف له كما يقال: زيد في بيته قاعد يكون الخبر هو القاعد لا غير وفي بيته لبيان ظرف القعود كذلك {فِى غَمْرَةٍ} لبيان ظرف السهو الذي يصحح وصف المعرفة بالجملة، ولولاها لما جاز وصف المعرفة بالجملة.
وأما المعنوية: فهي أن وصف الخراص بالسهو والانهماك في الباطل، يحقق ذلك كون الخراص صفة ذم، وذلك لأن ما لا سبيل إليه إلا الظن إذا خرص الخارص وأطلق عليه الخراص لا يكون ذلك مفيد نقص، كما يقال في خراص الفواكه والعساكر وغير ذلك، وأما الخرص في محل المعرفة واليقين فهو ذم فقال: قتل الخراصون الذين هم جاهلون ساهلون لا الذين تعين طريقهم في التخمين والحزر وقوله تعالى: {ساهون} بعد قوله: {فِى غَمْرَةٍ} يفيد أنهم وقعوا في جهل وباطل ونسوا أنفسهم فيه فلم يرجعوا عنه.


{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12)}
فإن قيل: الزمان يجعل ظرف الأفعال ولا يمكن أن يكون الزمان ظرفاً لظرف آخر، وهاهنا جعل أيان ظرف اليوم فقال: {أَيَّانَ يَوْمُ الدين} ويقال متى يقدم زيد، فيقال: يوم الجمعة ولا يقال: متى يوم الجمعة، فالجواب: التقدير متى يكون يوم الجمعة وأيان يكون يوم الدين، وأيان من المركبات ركب من أي التي يقع بها الاستفهام وآن التي هي الزمان أو من أي وأوان فكأنه قال أي أوان فلما ركب بني وهذا منهم جواب لقوله: {وَإِنَّ الدين لَوَاقِعٌ} فكأنهم قالوا أيان يقع استهزاء وترك المسؤول في قوله: {يُسْئَلُونَ} حيث لم يقل يسألون من، يدل على أن غرضهم ليس بالجواب وإنما يسألون استهزاء.


{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13)}
يحتمل وجهين. أحدهما: أن يكون جواباً عن قولهم: {أَيَّانَ} يقع وحينئذ كما أنهم لم يسألوا سؤال مستفهم طالب لحصول العلم كذلك لم يجبهم جواب مجيب معلم مبين حيث قال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} وجهلهم بالثاني أقوى من جهلهم بالأول، ولا يجوز أن يكون الجواب بالأخفى، فإذا قال قائل متى يقدم زيد فلو قال المجيب يوم يقدم رفيقه ولا يعلم يوم قدوم الرفيق، لا يصح هذا الجواب إلا إذا كان الكلام في صورة جواب، ولا يكون جواباً كما أن القائل إذا قال كم تعد عداتي تخلفها إلى متى هذا الإخلاف فيغضب ويقول إلى أشأم يوم عليك، الكلامان في صورة سؤال وجواب ولا الأول يريد به السؤال، ولا الثاني يريد به الجواب، فكذلك هاهنا قال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} مقابلة استهزائهم بالإيعاد لا على وجه الإتيان.
والثاني: أن يكون ذلك ابتداء كلام تمامه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8